
كيف سأدرك ما لم أراه من قَبل؟
كيف سأعيش وللأبد ما لم أعشه من قَبل؟
كيف سأرى ما كنت أرجوه في ارتحالي؟
إنها لحظة تفصل بين ما كنته وما سأكونه للأبد.. لحظة فيها سأدرك إني لم أعد مِن الأحياء في الأرض.. لا أعلم إن كانت مداركي حينها ستسمح لي ان أدرك تلك النَقلة الفجائية.. لا أعلم!
سأدرك انه لم يعد باستطاعتي ان أفكر كبشري أرضي.. لن أعود أفعل ما كنت أتدرب عليه طوال رحلة حياتي.. ربما سأتذكر لحظاتي الأخيرة في الجسد الفاني…
لا أعلم ما هو شعوري حينها.. لكني بالتأكيد سأكون مبتهج.. فإن كانت كتابة تلك السطور تجعلني اطرب إبتهاجًا فكم بالحري ان تعيش ما تحاول ان ترسمه بحروفك.. سأبتهج حتى الرقص.. فهل للأرواح أن تهتف بإبتهاج؟ هل للأجساد الممجدة ان تطفر تهللًا؟
لا أعلم أول ما سأفعله.. لكني بالتأكيد سأركض مرتميًا في حضن الحبيب من قام أولا ليكون باكورة.. سأتذوق نفس الحضن الذي غمرني يوم كنت على حافة هاوية قاع نفسي.. الحضن الذي نمت فيه وقت ليالي الدموع.. ذاك الحضن الذي أشعر فيه بكوني محبوب وللأبد.. أريد ان أبقى هناك.. فهل لي أن ارى وجهك الجميل؟ وهل لمستَجِد في ملكوتك حق التَفرّس في طَلّتك؟.. اتركني عندك يا مَن لم تتركني عندما لم أجد من يجيبني إلا صدى صوت سؤالي.. هللويا
مَن سأراه ممَّن أعرفهم هنا؟.. كيف سأخبر جدي إني حفيده الذي لم يعرفه؟.. وماذا عن جدتي؟ .. سأتركها تحكي لي تلك القصص التي سمعتها عنها.. بالتأكيد سماع القصص من أصحابها أجمل! .. سأخبرها عن احفادها كم هم ملتزمون بطريق التقوى خلفها.. لا ذرية لكِ تلتمس خبزًا يا جدتي.
ماذا عن الترحيب؟ هل سأجد رجال الله الذين أعرفهم وودعتهم بالدموع يوم هتاف رحيلهم.. إني أشتاق لهؤلاء الذين سرت خلفهم وبجوارهم درب السماء فسبقونى إلى هناك.. هؤلاء الذين حملوني في بداياتي على أكتافهم فحملتهم في نهاية قصتهم على كتفي.. سأحتفل مع كل مَن تمر أسمائهم بذاكرتي مرور اشتياق.
إنه شوق القلب الذي يُلهب الخيال لكي يرى ما يرجوه.. فكيف لي أن أرسم ما لا يلوّن بألوان الكون؟ وكيف لي أن أصف ما لا تتسعه حروف أبجديات البشر؟ ..
كل ما أعرفه إني بانتظار مجيئه.. لأني حينها سأكون حيث هو وسأظل للأبد.. حينها سأراه كما هو وهذا يكفي.. هللويا.
سبحوه ومجدوه..
زيدوه علوًّا فهو المُمجد.
وهو المُتعالي على الأدهار
وإلي الأبد رحمته
هو يسوع الذي قام من الموت.. فسبحوه.
11 اكتوبر 2017
1:40