خطاب إلى الطفل الذي كنت اعيشه.
…..
صغيري صمويل ….
انا حاضر مستقبلك الذي لم تتخيله.
انا الكبير الذي كنت تحلم بالوصول إليه.
انا اليوم اعيش حياة اكثر واقعية مما كنت تعيشها … احلامي قد كبرت مثلي … الحلم الوحيد الذي بقيّ معي هو حلم “إني أخد أجازة”..
اتذكر كلامك لي عندما كنت انت في الثامنة … ان استمتع بطفولتي وابني فيها نفسي لأن الايام لن تعود وقد صدقت.
لا تحزن على يدك المكسورة … فانا قد كسرت بعدها اربع مرات اخر … ومازلت اعيش.
انا اليوم اسافر بمفردي … اعد حقيبتي لوحدي … مازالت امي تهتم بي وتطمئن عليّ ومازال ابي يتهلل عندما اعود … انام كثيرا خارج المنزل الآن … ويسعدني ان أخبرك اني استطيع ان ابقى متيقظا للفجر دون ان اسقط في النوم .
مازلت احب الشيكولاته … لكني اصبحت حريصا في تناولها … فالكثير منها يضر مثلما كان بابا وماما يخبرونك.
احب المتاحف بل قل إن عشقي قد زاد لها … مازلت اجد راحة لعقلي هناك.
اتتذكر كتب بابا الكبيرة؟ … تلك التي لم يكن بها صور او الوان! … لقد اصبحت قارءا لها … نعم انا اشتريها واحبها الآن … لكني لا اخفي عليك سرا … اني احيانا اقف مثلك امام بائع الجرائد لأشتري ميكي … فانا احبها لكني لم اعد انتظر الأربعاء المبهج من اجلها … لقد اصبحت اغلى .. فمصروفك طوال الشهر قد يشتري عددين فقط! … لكن اطمئن فلم اعد اخذ مصروفا … فانا اعمل الآن.
عرفت عندما كبرت لماذا ابي وامي يمتلكون نفس الاراء والقرارات … فهم يحبون بعضهم البعض … اعلم انك لا تفهم ما اقول لكن حبهم هذا سيصنع فيك شيئا جميلا عندما تكبر.
مازلت لا أخاف الظلام مثلك … ومازلت احب النجارة … عندي عدّة جميلة اشتريتها بنفسي … لكني مازلت احتفظ بشاكوش جدك … هل تذكره؟.
اتتذكر خادمك في مدارس الاحد … كنت تسأل حينها كيف يعرف كل هذا؟ … انا اليوم خادم مثله .. ولدىّ اطفال في فصلي يذكروني دائما بك .. اسئلتهم لا تنتهي … وانا ايضا … لكن اسئلتي كبيرة مثلي الآن.
مازلت اصلي يا صغيري … لكني اصلي اوقات اطول … هل تذكر طلبات الصبا؟ … لقد تحقق معظمها … ينقصني هنا ايمانك الطفولي … فهذا ما يحبه الله.
كنت تحلم بأخ يلعب معك … اطمئن ستحصل علي اخت واخ بعد عدة سنوات .. اخ يشبهك كثيرا … لا تقلق فلن تظل وحيدا.
المدرسة التي انت فيها ستظل كما هي .. لكن احرص ان تتغير انت قبل ان تتركها … سيدعونك لحفل مئويتها … سيذكرونك عندما تكبر … استمتع بكتب مكتبتها … لانك لن تجد هذا القصص في مدرستك الإعدادية.
هل تذكر صديقك بوجي … انه كبر الآن مثلي … صار يربي لحيته مثل الكبار … مازلنا اصدقاء .. لاتنسى ان تشبع من شركاء فصلك … فمعظمهم لن تراه ثانيه … اندرو الآن عازف بيانو كبير … وتوني طبيب … وانا مازلت اعيش وسط الورق … نحن صرنا ما كنّا عليه.
صغيري … اخيرا اود ان اخبرك إني بخير هنا والآن.
الاحسان لم يفارقني والمعيّة لم تتركني فالرب صالح.
انا افضل مما كنت تتمناني … فاطمئن.
….
من الكبير الذي حلمت ان تصيره يوما ما.
صمويل
15 أغسطس 2016
22:00