كانت الإضاءة تختلف والأضواء تبدل أدوارها مع استمرار حركة الحوار بين الممثلين ، كان المسرح يغض بالحركة .. الجميع يتحرك يتحدث وينفعل … هذا يدخل إلى خشبة المسرح وهذا يخرج .. هذا يسقط قتيلا وذاك يهرب … الأحداث تصعد جبل الإثارة في المسرحية .. وبينما الحركة تملأ الجميع وقفت الخلفية ساكنة وثابته بلا حركة.
كانت الخلفية عبارة عن حائط لمنزل بطل المسرحية … صورة جده معلقة ولوحة بخط جميل مكتوب فيها ” أنت أنت وسنوك لن تفنى” .. ظلت الصورة واللوحة ثابتة مع تغير المشاهد ، مع ولادة الأشخاص ورحيلهم … حتى عندما لم يكن على المسرح أحد … ظلت الخلفية واحده ولم تتغير.
انشغل الحاضرون كثيرا بالحركة على خشبة المسرح غير مهتمين بالخلفية التي لم تتحرك … فقط يتأملونها عندما يسود الهدوء على المشهد.
قد تشغلنا أحداث مسرح حياتنا عن خلفيته … قد ننفعل وننسى أن هناك جزء من المشهد لم يتغير … قد يلهينا واقع تلك اللحظة من حياتنا عن رؤية ثوابت حياتنا.
لقد وصف ربشاقي الواقع بكل تفاصيله لعبيد حزقيًا .. شرح لهم التاريخ بمرارته …. كان الأمر جليا لأي متابع للأحداث … أن الأشوريين لم يصمد أمامهم إله من آله الأمم … كان الواقع واضحا .. مما دفعه ليسأل سؤال بديهي “هل تنجو أنت ؟”
كان الواقع الاقتصادي و العسكري لأورشليم لا يدل على أنها ستصمد امام قوات سنحاريب … كانت الهزيمة هي النتيجة المتوقعة .. كان الواقع يجيب بـ “لا” مؤكدة على السؤال : “هل تنجو أنت ؟”
.. عندما يكون الواقع مرا و الأحداث كلها تقود إلى إجابه واضحة .. أنك لن تنجو … تذكر أنه مهما كان شكل الواقع فهناك خلفية ثابتة في مسرح حياتك … أن الرب موجود ويقدر ، لا تستلم لقوة المشهد لا تتنازل عن التمسك بخلفية المشهد … فالرب موجود دائما و الرب مازال و سيظل ممسكا بزمام الأمور مهما ظهر عكس ذلك على المشاهد.
لقد أدرك حزقيا هذه الفكرة أن الرب مازال موجود في المشهد كل الأحداث تحدث أمامه و بمعرفته … لذا شرح الواقع في محضر الرب و أعلن في صلاته بوضوح أن الرب مازال مسيطرا في المشهد ومازال موجودا وهو الإله على كل ممالك الأرض .. لم يكتفي حزقيا بشرح الواقع المؤلم للأحداث لكنه أيضا أعلن سلطان الرب على الأحداث.
لقد أستطاع حزقيا أن يرى المشهد كاملا الأحداث المؤلمة و سيطرة الرب في ذات الوقت … فأستطاع أن يؤمن بأنه هناك نجاة وان هناك واقعا مختلفا عن هذا الذي يحاول إبليس بفرضه.
قد تشغلك الأحداث المتسارعة في حياتك عن رؤية الرب الموجود دائما والمتسلط على كل شئ ، قد يحاول عدو الخير أن يرسل لك “هل تنجو أنت ؟!” ويحاول ان يقنعك بإجابته .. لكن تعلّم أن ترى الواقع والرب معا .. لا تستسلم للواقع فقط أن عدو الخير يحاول دائما أن يجعلك ترى المسرح بلا خلفية ، أن تنشغل في جزء من أحداث الواقع متناسيا ثوابت قصة حياتك … لذا أبحث عن الرب في المشهد فهو موجود وقريب .. لا تنشغل بغير الرب.
وَصَلَّى حَزَقِيَّا أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَقَالَ: «أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ، ٱلْجَالِسُ فَوْقَ ٱلْكَرُوبِيمَ، أَنْتَ هُوَ ٱلْإِلَهُ وَحْدَكَ لِكُلِّ مَمَالِكِ ٱلْأَرْضِ. أَنْتَ صَنَعْتَ ٱلسَّمَاءَ وَٱلْأَرْضَ. أَمِلْ يَا رَبُّ أُذُنَكَ وَٱسْمَعْ. اِفْتَحْ يَا رَبُّ عَيْنَيْكَ وَٱنْظُرْ، وَٱسْمَعْ كَلَامَ سَنْحَارِيبَ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ لِيُعَيِّرَ ٱللهَ ٱلْحَيَّ
ملوك الثاني 19 :15
24 من #يناير_بلا_ملامح 2016
نشرت في رسالة الخلاص فبراير 2016
Samuel.G Basta