زراعة الأكياس
كنت طفلا أواجه الواقع بسيل من الأسئلة فيجيبني أبي ، كنا يوما ما نسير معا بجوار أحد المزارع ، و شد إنتباهي أكياس بلاستيكية فوق عصي تقف وسط الزروع ، فتسألت عن تلك الأكياس المزروعة ، هل نزرع الأكياس البلاستيكية
؟ فأجابني أبي بإبتسامة : إنها لإبعاد الطيور عن المحاصيل حتى لا تلتهمها ، اسمع أصواتها مع نسمات الهواء أنها تصدر أصواتا عالية مزعجة فتنزعج الطيور منها و تهرب بعيدا عن الزروع و لا تاكلها ، إنها فقط أداة إخافة للطيور . إن الطيور الرقيقة لا تقوى على مواجهة أصوات عالية مزعجة و تبتعد عن طعامها لمجرد أصوات خادعة من مجرد أكياس فارغة !! ، إنها إستراتيجية المخاوف المزيفة ، فالطيور تخاف من أمور ليست حقيقة ، فلن تقتل الأصوات المزعجة للأكياس طائرا رقيقا ! و لم نسمع يوما عن أن كيسا فارغا أضر بعصفورا يقوى على التحليق !، إنه خداع قديم قِدم الزراعة بدأ مع خيال المآته و إنتهى إلى تقنيات حديثة ، و إن إختلفت الوسائل مازالت الإستراتيجية مشتركة بينهم : المخاوف الزائفة
لم يكن هناك إنسان يقوى على قتل مسيح الرب الموعود بعرش بني يعقوب ، لم تكن هناك قوى قادرة على إفشال وعد الله لفتى المراعي و المزامير بمُلك لا يزول في نسله ، و مع ذلك أعلنها داوود صراحة : إني سأهلك يوما بيد شاول ! لقد رسم نهايته بنفسه و اعلنها لمن حوله بيقين حزين متناسيا وعود الله ، لم يكن هذا الضعف نتاج يوما واحدا ، بل هو نتاج أصوات متكررة من أكياس مزروعه في حقل حياته ، اصوات وهمية تترد داخله و من مَن حوله
أدرك أن الماضي لن يعود و أحلام شبابه أصبحت مجرد ذكرى ، فهو لن يعود يرى شعبه و لا شعبه سيرى الحرية يوما ما ، لم يعد لتدريبات القصر الفرعوني نفعا مع أغنام حميه في برية سيناء ، و مع أن الله أعلن نفسه بقوة له بطريقة تعلن أن خلف هذه العليقة المشتعله إله قوي هو ” أهيه الذي هو أهيه ” و مع ذلك أجاب موسى : إرسل بيد من ترسل فأنا لم أعد أنفع ، لقد إنخدع موسى بأوهام رسمها له الواقع جعلته يقف أمام ” أهيه ” محبط … لقد إستمع لأصوات الأكياس الفارغة .
كانت وسيلتهم الأكثر أمانا لهم هي ” الأبواب المغلّقة ” لمواجهة أصوات مخاوفهم التي ترن في داخلهم … لم تصنع زيارة رب المجد المقام بداخلهم أي تغيير على أرض الواقع ، لقد رأوا مجده و صدقوه و في نفس الوقت صدقوا أصوات مخاوفهم الوهمية فغلّقوا الأبواب ، و لم يتركهم الرب و لم يخذلهم فعاد و دخل مرة أخرى و الأبواب مغلقة ،لم يمنعه من زيارتهم خوفهم الذي لا أساس له من الصحة بعد أن وعدهم الرب نفسه أن يكون معهم إلى الأبد
كل هؤلاء و أكثر أستمعوا لأصوات وهمية في حياتهم ، تركوا مساحة في أذهانهم لأبو كل كذاب لزراعة أكياس فارغة تصدر أصواتأ تخيفهم ، فتوقفوا عن التقدم بل ربما تراجعوا خوفا من شئ قد يبدو حقيقا لكنه في الأصل مجرد أصوات لأكياس فارغة
فلتُقيّم ذبذبات أصوات مخاوفك حتى تلك التي تعتقد إنها حقيقة تماما ، فلتتعرف على مصدرها ، و إيا كانت فلتحضرها لمحضر من يهرب الحزن و الخوف من أمامه ليملأ قلبك سلاما تركه لنا و ليحفظ قلبك و فكرك بسلام الله الذي لا ينزعه أحد ، لا تنخدع من عدو سِمته الكذب لا تخف من مجرد أصوات حتى و إن كانت عالية و مزعجة و لتبحث في حقل حياتك عن تلك الأماكن الفارغة التي بها يزرع العدو مجرد أكياس …. لتقلع أكياسه المزروعه و سلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم و أفكاركم في المسيح يسوع ( فيلبي 4 : 7 )
نشرت في مجلة رسالة الخلاص
Samuel.G
Samuel bgad God bless u fara2t m3aya awyyyy
إعجابLiked by 1 person