اعادة شحن

في براءة الأطفال و ذكاء الباحثين عن المجهول سألني طفل مدارس الأحد ذو الربيع الواحد : ” لماذا خلق الله الإنسان يحتاج للنوم والأكل؟ أليس النوم مضيعة للوقت…كان يمكننا اللعب لوقت أطول لو لم نحتاج للنوم ،كان يمكننا أن نستمر هكذا بدون إحتياج للتوقف لتناول الطعام . لماذا ننام ونأكل ؟ “، أجبته بمنطقه و ببساطة أمثاله: لماذا يحتاج الموبايل لإعادة شحن ؟ أليس لان طاقته محدودة ، كذلك يحتاج الإنسان لإعادة الشحن بإستمرار لان طاقته محدودة … الإنسان لا يمتلك طاقة تتجد من عدم ، فوجود الإنسان يحتاج بإستمرار لطاقة خارجية لتجعل يستمر .. كل الطبيعة هكذا حتى الشمس التي نعتبرها من مصادر الطاقة المتجددة .. موجوده في مكانها إلى أن تزول بسبب أن الله قال ليكن نور .

تخيلنا معا حالنا كبشر بدون حاجة لطعام و نوم ، بالتأكيد كان إختراع السرير لن يكون له نفع ، ستختفي المطابخ من بيوتنا و المطاعم من شوارعنا ، لن يكون هناك أسواق بيع طعام ، لن يموت أحد فيما بعد من العطش او الجوع … تخيلنا فقط حالنا كبشر لكننا أدركنا معا ضعفنا البشري . نحن نحتاج إلى ما يجعلنا نستمر في الحياة ، الله خلقنا هكذا لنظل في حالة إدارك دائم إننا لا نستطيع أن نعيش بمفردنا ، لتظل طاقتنا الداخلية تحتاج بإستمرار لإعادة شحن ، لنظل دائما في حالة بحث مستمر عن مصادر طاقة تجعلنا نستمر إحياء.

سؤال  الطفل و إن كان يبدو بسيطا لكن إجابته تسكن في عمق الفكر الإلاهي عن خلق الله للإنسان هكذا، قبل سقوط آدم في الجنة و قبل أن تدخل الخطية إلى جنسنا البشري و الإنسان يأكل و ينام ، الإنسان لم و لن يعيش بطاقة تنبع من داخلة إلى ما لانهاية ، نحن محدودي الوجود و قدرتنا على البقاء و الإستمرار أضعف من أن تجعلنا نستمر لأكثر من أيام قليلة بدون أكل و نوم ، فصراخ أمعائنا الجائعة أمام الجوع و سقوط جفوننا المرهقة أمام النوم من أقوى الأدلة على أننا في إحتياج مستمر إلى ما يجعلنا نستمر في البقاء . نقضي ثلث أعمارنا في النوم و ننفق ما يقارب خمس دخولنا في الطعام ، فقط لإعادة شحن طاقتنا، نهتم جدا بما نأكل و نشرب نبحث عن رفاهية أجسادنا في النوم، وهذه حقوق مشروعة، لكننا نغفل عن مصادر الطاقة الأخرى لإستمرارنا في الحياة . لايوجد هناك شخص يستمع لصراخ عقله من الجهل ، الجاهل لايدرك حاجته للمعرفة ليبحث عن كتب ليقرأها ،  لا نستمع لأنين نفوسنا الضالة بعيدا عن خالقها ،لنبحث لأرواحنا لرجاء بعد الحياة ، نتجاهل حاجة نفوسنا للقرب من الله. ن

ستيقظ كل صباح من النوم لنأكل و نعيش يومنا لننام في النهاية ، نسعى لإسكات جوعنا و ننسى أن أرواحنا تحتاج لإعادة شحن ، ننسى أن نجلس في “جلسة هنية” مع فادي نفوسنا ، نظن أننا نستطيع أن نكمل في مسيرة حياتنا لعدة أيام بدون أن “نلهج في ناموس الرب”، كثيرا ما أكملنا أسبوعنا بدون دخول “إلى عرش النعمة” ، نمتلك أعذارنا المقنعة لنا لتبرير عدم أقترابنا مِن مَن فيه راحتنا. إنها دعوة لندرك أن إستمرار حياتنا الروحية الداخلية “في حالة الإرتفاع” يحتاج بإستمرار إلى طعام روحي وراحة لنفوسنا في مجضر الرب ، نحن لسنا أكفاء لنعيش بقوتنا و لا توجد في قائمة الطعام الروحي وجبة تصلح لأن نعيش بقوتها بعيدا عن الله لعدة أيام ، فوجودنا في الحضرة الإلاهية هو مصدر إستمرارنا في حياة في ملئ رضاه و مشيئته. حان وقت إعادة الشحن ،

إنه وقت ترميم المذابح و غلق أحبواب المخادع ، وقت الحفاظ على إستمرارية الشحن ، أنه وقت لطلب الرب لاننا ” به نحيا و نتحرك و نقوم ” .

نشرت في مجلة رسالة الخلاص

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s